الأربعاء، يوليوز 05، 2006

رشيد نيني يكتب عن العدالة والكيل بمكيالين

رشيد نيني
تحدث رشيد نيني سابقا على أن سبب إختلافه مع إدارة جريدة الصباح كان حول موضوع كتبه عن العدل في المغرب رفضت الجريدة نشره. وبعد طلاق رشيد للصباح تنشر الجريدة الأخرى هذا الأسبوع مقالة له حول معانات المغاربة من غياب العدالة وهذا في نظري أحسن ما كتب نيني وأكثر جرأة وأظنه سبب المشكلة مع الصباح والله أعلم. والملاحظ على غير العادة غياب الأسلوب السخري الذي عودنا عليه ربما لوجود إسم الملك. وإليكم جانبا من هذه المقالة:
كلف دس الكولونيل الهيلالي لأصابعه في جيب الملك خمس سنوات سجنا مع مصادرة جميع ممتلكاته (...) نحن مسرورون لأن العدالة في المغرب استطاعت أن ترد للملك ممتلكاته، لكننا نشعر بالحزن بسبب هذه العدالة التي لم تستطع أن ترد للشعب ممتلكاته. وهذا الوضع ليس في صالح الملكية بالدرجة الأولى، لأن لصوص المال العام سيفهمون من هذه العدالة الانتقائية أن الرسالة هي فوت غير الملك وطحن. بعبارة أخرى ممتلكات الملك مقدسة أما ممتلكات الشعب فسائبة. والمال السائب كما تعلمون يعلم السرقة. الملك أعطى إشارة مواطنة عندما لجأ إلى القضاء، بمعنى أنه وضع فيه ثقته. وقد وقف القضاء إلى جانبه وأعاد إليه حقه. نحن أيضا وضعنا ثقتنا في القضاء وعولنا عليه لكي يسترجع لنا أموالنا المسروقة التي تقدر بالملايير، لكنه عجز عن ذلك، وانشغل بمتابعة اللصوص الذين يسرقون الدجاجة وتغاضى عن اللصوص الذين يسرقون البقرة وحليبها. بسبب مثل هذه السلوكيات تكونت للمواطن قناعة بأن هناك من يريد إفهامه بأنه لا يستحق العدالة، فالعدالة ينالها الكبار والناس الذين يوجدون في الفوق. أما الشعب فيستحق أن نخطئ في حقه وأن نسرق جيوبه دون خوف من المتابعة. السرعة التي تتم بها معالجة ملفات سرقات قصور الملك وممتلكاته تعطينا نظرة كافية عن المنطق غير المتكافئ الذي تسير به العدالة عندنا. وليس في العدالة فقط، حتى عندما يريد الملك أن يقوم بزيارة لمدينة ما تختفي القذارة من الشوارع وترتب الحدائق وتطلى الحيطان بالصباغة. ما معنى هذا. معناه أن الشعب لا يستحق النظافة ولا يستحق أن تكون لديه حدائق إذا لم يكن الملك سيمر بمدينته أو قريته.

إنهم يطلبون منا أن لا نفرح إلا إذا فرح الملك وأن لا ننعم بالنظافة إلا إذا جاء عندنا الملك. وكأننا في نظرهم عبيد ولسنا مواطنين. يجب أن يفهم هؤلاء أن من يسرق الملك مثله تماما مثل الذي يسرق الشعب، فالملك في نهاية المطاف واحد من أبناء هذا الشعب. واللصوص يجب أن يعاقبوا وتصادر ممتلكاتهم سواء دسوا أياديهم في جيب الملك أو في جيوبنا نحن. ليست هناك ممتلكات مقدسة وأخرى مدنسة. العدالة للجميع، هذا ما يجب أن يفهمه كل المغاربة.

إقرأ ايضا:
محمد السادس هل هو رجل سياسة تاريخي؟ - توفيق بوعشرين من الجريد الأخرى.
من أخبار ونوادر السادة الطغاة - الأستاذ عبد اللطيف المصدق
الكفاءة والفساد في المغرب - علي الوكيلي
التماطل في سن قوانين لمكافحة الفساد - عبد العزيز الرماني
لماذا يختار البعض المنفى داخل اللغة الفرنسية؟ - أبو سلمى
المونديال و حق الجمهور في التعليق بالعربية - رضوان تروان
من مقامات مفجوع الزمان الجواعاني: عهد الإنتحار الجماعي - الفاضل

الفرنسيون لم يرحلوا غداة الاستقلال

Chirac
راجعت الكاتبة والصحافية المغربية مريم التيجي الكتاب الجديد للصحفي الفرنسي جون بيير توكوا المعنون "جلالة الملك، أنا مدين لوالدك بالكثير: المغرب وفرنسا قضية عائلية". وجاء في الكتاب معطيات مهمة حول ارتباط المغرب بفرسا وإليكم بعضها:

- اختار صحفي /لوموند/ أن يكون عنوان كتابه جزء من تصريح للرئيس الفرنسي، عقب وفاة العاهل المغربي السابق الحسن الثاني، فقبل أن يوارى جثمان الملك الراحل الثرى قال شيراك للملك الجديد محمد السادس، حسب ما جاء في الكتاب: "جلالة الملك، أنا مدين لوالدك بالكثير، وإذا رغبتم فإن كل ما منحني إياه سأبذل كل جهدي لكي أرده لك..". ويتساءل الكاتب عن هذا الذي منحه الحسن الثاني لجاك شيراك وجعله مدينا له حتى بعد وفاته.... وذكر بأن الملك الحسن الثاني قابل جاك شيراك أحد عشر يوما فقط قبل وفاته، بعد أن شعر بتدهور حالته الصحية، وأوصاه بـ"أن يراعي بناته وأبنائه، وأن يكون لهم بمثابة الأب، وأن يساعد الملك المقبل محمد السادس في مهمته كملك، حينما يغادر هو إلى دار البقاء".

- شيراك يتدخل في أمور عائلية للأسرة الحاكمة في المغرب، ويعتبر كبرى بنات الحسن الثاني الأميرة للا مريم الأقرب إليه، إذ يحملها رسائل وتوجيهات تقوم بتبليغها لأخيها الملك محمد السادس .

- يكشف بيير توكوا عن جزء من دين الحسن الثاني في عنق شيراك، عندما يقول إن حقائب مملوءة بالأموال كانت تتوجه بانتظام من الرباط إلى باريس لدعم جاك شيراك في حملته الانتخابية، لكن دون أن تترك أي دليل يؤكد هذه الحقيقة.

- الرئيس الفرنسي هو من كان وراء القرار الأكثر رمزية، الذي اتخذه محمد السادس منذ وصوله إلى السلطة، ويتعلق الأمر بتعديل قانون الأسرة.. وهذا ما أكده السفير الإسباني بالرباط فرناندو أرياس عندما صرح بعد إعلان التعديل ".. تعديل قانون الأسرة لم يكن ليحصل لولا فرنسا..".

- توحي مجموعة من المعطيات، التي أوردها الكاتب الفرنسي أن فرنسا لم ترحل عن المغرب بعد إعلان استقلاله، وربما هذا ما أراد أن يشير إليه من خلال نشر الكتاب في الذكرى الخمسين لخروج الاستعمار الفرنسي من البلاد،

- سجل توكوا أن معظم السياسيين في المغرب حاصلين على جنسية فرنسية، وأغلبهم يفضلون التقاعد في الديار الفرنسية، كما فعل الزعيم اليساري الشهير عبد الرحمن اليوسفي، وأقوى رجل في عهد الحسن الثاني إدريس البصري واللائحة تطول.

- ولا يجد الكاتب أبلغ من شهادة وزير الداخلية الأسبق إدريس البصري على هذه الوضعية، إذ يقول: "اشترى الفرنسيون كل شيء وليس هناك من فلت من قبضتهم". والغريب في هذه العلاقة أن الفرنسيين عادة لا يجلبون أموالا ضخمة لاستثمارها في المغرب، بل يجلبون فقط جنسيتهم الفرنسية وخبرتهم للاستثمار والربح داخل سوق تحولت إلى منجم للذهب بالنسبة للفرنسيين، مما يفسر جزء من العلاقة الفرنسية المغربية، التي تدعم فيها العلاقات العائلية الغامضة، المصالح التجارية والمالية، وخصوصا للفرنسيين في المغرب.

عن مجلة أقلام التي تعنى بشؤون المغرب العربي

إقرأ أيضا:
فك الارتباط ونزع مسامير جُحا - الأستاذ عبد اللطيف المصدق