من يخيف الفرنسيين ؟
بدعوة من اتحاد المستهلكين في تركيا، بدأ الأتراك حملة لمقاطعة البضائع والشركات الفرنسية ردا على قانون فرنسي يجرم كل من ينفي المجازر الأرمينية أثناء الحرب العالمية الأولى. شخصيا لا أعارض فكرة رد الإعتبار للضحايا الأرمن وعلى تركيا أن تطوي تلك الصفحة من الماضي. لكن كما يعلم الجميع فإن هذا القانون ما هو إلا حلقة جديدة من مسلسل فرنسي لسد الطريق أمام دخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي. ثم إن فرنسا نفسها لم تعتذر يوما عما إقترفته في حق الشعوب المستعمرة من المغرب إلى الفيتنام. موقف فرنسا الرسمي يجد أيضا تأييدا شعبيا، فلقد أظهر استطلاع للرأي أوردته جريدة النهار أن نحو 60 في المئة من الفرنسيين يعارضون انضمام أنقرة الى الاتحاد. ويقول منتقدون إن تركيا كبيرة وفقيرة ومختلفة ثقافيا على نحو يحول دون اندماجها الكامل في الاتحاد الأوروبي.
وعلى ذكر الإندماج، حلت هذا الأسبوع الذكرى الأولى لثورة شباب الضواحي التي كانت فرصة لتعرية واقع المهمشين وكل من تختلف بشرته أو إسمه عن الغالبية من ذوي العيون الزقاء.
أضف إلى ذلك حالة الطوارئ القصوى المعلنة منذ سنتين ضد ارتداء البنات المسلمات للحجاب الذي اعتبره شيراك خطرا على الجمهورية !!! والمفارقة أن تركيا تتبع فرنسا في علمانيتها ومنعها للحجاب دون أن يكسبها ذلك ودها.
الواضح من كل هاته الأحداث أن شيئا ما يرهب الفرنسيين . قد يكون الأمر مفهوما إذا كان الموضوع يتعلق بالنفوذ الأمريكي أو المد الأنكلوساكسوني أو قوة ألمانيا أو الصين أو الهند. لكنهم يخافون الأتراك والعرب والأفارقة وهذا ليس له ما يبرره.
والسؤال الذي أحب طرحه ماهو سر عدم تقبل الفرنسيين للأقلية العربية والمسلمة في البلاد - على الأقل مقارنة بدول غربية أخرى- بالرغم من العلاقة التاريخية التي تجمعهم؟
لا أحب أن ألوم الفرنسيين وحدهم على هذا الوضع، فربما لم يستطع مسلمو وعرب فرنسا فرض قبولهم كجزء من الدولة الفرنسية. فمن خلال قراءة تاريخ عمالنا في فرنسا يتضح أن الكثير منهم لديه مشكلة هوية ففريق منهم اعتبر نفسه ضيفا ولم يطالب بالحقوق المعنوية لأبنائه وفريق آخر تنصل من هويته لكن أبناءه لم يستطيعوا إخفاءها. أو ربما كان السبب هو الشعور بالدونية للجيل الذي عايش فترة الإستعمار.
لكن لاأحب أيضا أن ألوم الضحية، فدخول العرب والمسلمين فرنسا جاء نتيجة للتوسع الفرنسي في العالم ورغبة من فرنسا في قوة ساعدهم من أجل إعمار البلاد والدفاع عنها. لذا فللفرنسيين الجدد الحق في المواطنة واحترام اختلافهم.
الأمل في إصلاح الوضع ليس في ثورات الغضب ولكن في تظافر جهود المسلمين من أجل توعية الرأي العام الفرنسي والمشاركة في صنع القرار. وفي هذا الإطار يحضرني كلام المفكر السويسري طارق رمضان، الذي يرفض مصطلح الأقلية المسلمة لأنه يعبر عن الهامشية وحالة الاستضعاف،
والذي يقول
" الضغط واضح على المسلمين والإسلامفوبيا واضحة، ولكن على المسلمين أن يكون دورهم أيضا واضحا، فتحت الضغط يجب أن نتكلم، وتحت الضغط يجب أن يكون هناك نشاط.. يجب ألا نكتفي بالكلام، ويجب أن يكون هناك دور جديد للمواطن المسلم في الغرب."
إقرأ أيضا:
منظمة العفو الدولية تحث فرنسا على حماية حرية التعبير
شهداء الويب - محمد مظهر
هناك تعليق واحد:
كل عام وأنت بخير أخي ولو أنها متأخره شويتيين ...
أخوك أفندينا
http://www.maktoobblog.com/msalaheldeen
إرسال تعليق