حوار مع صاحب مدونة بلا فرنسية!
صاحب المدونة هو أحمد، يقول عن نفسه: “شاب مغربي تلقيت تعليمي مجانا في المدارس العمومية. تصارعت من أجل تعلم الفرنسية لأنجح في تعليمي، أحب القراءة باللغة العربية وبذلت جهدا خاصا لتعلم اللغة الإنجليزية لأنها لغة العلوم الحديثة.”
“أحمد”، هذا هو الاسم الذي تستخدمه في مدونتك. هل يمكن أن نقول بأنك تدون باسم مستعار؟ كمدون من المغرب، ما هي الدوافع التي يمكن أن تدفعك للتدوين بهوية مجهولة؟
لا أدون بإسمي الكامل لأنني أردت أن يكون الإهتمام منصبا على محتوى المدونة ورسالتها وليس على شخصي. كما أن الكتابة بهذا الشكل تعطي مجالا أوسع لحرية التعبير.
كيف تنظر إلى “المدونة”؟ هل هي مجرد موقع شخصي سهل التحديث؟ مساحة حرية خارج حدود الرقابة؟ أم ماذا…
المدونة بالنسبة لي أداة لحرية الرأي ودمقرطة الإعلام. فلست بحاجة إلى تصريح ولا تمويل ولا شهادة جامعية لأقول رأيي في أي موضوع أشاء. والمدونة أيضا مختبر للأفكار. فمثلا، قبل بدايتي للتدوين لم أكن أعرف كيف ينظر الناس الآخرون لقضية اللغة. ولا أخفي أنني برغم إيماني بالقضية تفاجأت لكثرة المؤيدين لها. لكن الأغلبية كثيرا ماتكون صامتة.
اللغة العربية في المغرب تحتضر. مدونتك تنادي بترك الفرنسية وبمغرب بدون فرنسية. السؤال: كيف ترى قدرة المدونات على التأثير في المغرب؟
كلمة تحتضر فيها كثير من التشاؤم. والمناضل لايجب أن يكون متشائما لأن التفاؤل بغد أحسن هو الذي يدفع الناس للعمل. شخصيا لست خائفا على مستقبل العربية فهي لغة عالمية متواجدة في جميع دول العالم. يحبها أزيد من مليار مسلم ويتعلمها لسبب أو لآخر أعداء المسلمين وأصدقاؤهم. وبالرغم من التخلف العلمي للعرب، فإن العربية استفادت من التقنيات الحديثة للإتصال وتجد دعما من منتجي البرمجيات كما أن الأنترنت ساهم في نشر كتب الثرات والعلوم بهذه اللغة.
بالنسبة للمغرب، المشكلة هي في استخدام الفرنسية في الإعلام والتعليم والعمل. وهو بذلك لا يختلف عن كثير من دول العالم التي توضع في خانة العالم الثالث -جلها مستعمرات فرنسية سابقة في إفريقيا. ولن يتغير وضعنا هذا حتى نهتم بلغتنا.
الطرح الذي أدعو إليه هو جعل اللغة الوطنية أداة من أدوات التنمية والتقدم العلمي. لهذا وضعت في مقدمة المدونة مقولة الدكتور المهدي المنجرة “لا توجد أي دولة في العالم انطلقت في المجال التكنولوجي دون الاعتماد على اللغة الأم، وهذا يحصل حتى مع إسرائيل، والصين، والهند، وإيران بعد أن حصل مع اليابان” .
وهذا الطرح أعتقد أنه سيكون أكثر جدوى من الطرح الديني الذي يدعونا أن نستعمل العربية لأننا مسلمون والطرح السياسي العروبي الذي يدعو إلى استخدام العربية من أجل تحقيق الوحدة العربية. كلاهما فشلا لأن العربية ليست من أركان الإسلام وأغلب المسلمين لايتكلمون العربية ولأن وحدة اللغة لا تسهل ولا تعيق الوحدة السياسية والإقتصادية كما يتضح من تجربة الاتحاد الأوروبي. وهنا أشير أنني مع النهوض بالأمازيغية أيضا لأنها جزء من الهوية المغربية.
بالنسبة لمدونة بلافرنسية، فلقد لقيت صدى طيبا لدى الكثيرين ولله الحمد، وأحب أن أشكر كل المتتبعين الذين تواصلوا معي وأيدوا الفكرة. وأعتقد أنها نجحت في إثارة الاهتمام بالقضية بشكل جديد. أما تغيير الواقع فهذا خارج عن طاقتي لكن ربما بتضافر جهود مدونين آخرين يمكن أن تتحقق بعض الإنجازات.
أكثر من ثمانين في المئة من المدونات المغربية تكتب بغير اللغة العربية. بعض المدونين العرب ذوي الشهر العالمية اختاروا الكتابة باللغة الانجليزية للدفاع عن قضاياهم المحلية في الخارج. المدونون المغاربة الذي اختاروا الفرنسية، هل فعلوا ذلك حقًا للدفاع عن قضايا المغرب خارج المغرب أم الأمر مجرد استلاب ثقافي أم هو محض اختيار شخصي غير محكوم بأي خلفيات معينة؟
سبب استخدام الفرنسية في المدونات لايختلف عن سبب استخدامها في وسائل الاتصال الأخرى مثل الجرائد مثلا. هناك فئة من المدونين إما بسبب تكوينهم الفرنسي أو عملهم لايتصورون أن تكون العربية لغة اتصال خاصة مع المتعلمين وهم بذلك يقصون نسبة كبيرة من المغاربة من جمهورهم. المدونات المغربية العربية في تكاثر مستمر. فمثلا تجاوز عددها 1300 على خدمة مكتوب وحدها بعدما كانت أقل من مائة قبل سنة. وهذا شئ طبيعي لأنه بالرغم من كل المشاكل فالعربية تبقى لغة الاتصال المفضلة عند المغاربة وهذه الحقيقة يحاول المسؤولون عن الإعلام تجاهلها كما هو الحال بالنسبة لبعض المدونين.
ما تقييمك لمحتوى المدونات المغربية؟
التدوين في المغرب ظاهرة حديثة لكن الكثير من المدونات تستحق القراءة. ما نفتقده حتى الآن هو مدونات مناضلة كما هو الحال في مصر والصين وأمريكا وإيران التي أصبح للتدوين فيها دور سياسي لا يستهان به.
إلى أي حد تحضر القضايا المصيرية (سياسية واجتماعية) في المدونات المغربية؟ بصيغة أخرى: هل تواكب المدونات المغربية التطورات داخل المغرب؟
الكثير من المدونين يواكب الأحداث الجارية لكن لاتزال كتاباتهم غير قادرة على التأثير في مجريات الأمور.
من خلال متابعاتك للمدونات المغربية، أيها تجدها الأفضل: تلك المكتوبة بالعربية أم المكتوبة بالفرنسية؟
عدا تلك المتخصصة في مجال التقنيات، أجد المدونات المكتوبة بالعربية أكثر فائدة لأنها تعكس الواقع والقضايا الحقيقية للشعب المغربي.
في رسالة قصيرة توجهها إلى المدون المغربي، ماذا تقول له؟
للذي يكتب بالفرنسية أقول خاطبني بلغتي يا ابن بلدي! وللجميع مزيدا من التواصل من أجل بناء مجتمع تدويني يمكن أن يساهم في التغيير ورسم مستقبل مشرق للمغرب.
بالمقارنة مع المدونات العربية، أين تضع التجربة المغربية؟
أظن أن التجربة المصرية تبقى رائدة في النضال السياسي والخليجية في تحدي الأنظمة الإجتماعية التقليدية. في المغرب، لانزال نفتقد لقضايا تأطر عملنا ولإطار يجمع شتاتنا لكن هناك مدونين مغاربة نجحوا على المستوى العالمي.
كلمة أخيرة؟
مطلوب مزيد من المدونين. المقابل صفر والمتعة لاتقدر بثمن.
هناك تعليقان (2):
أخي أحمد لقد سررت بهذا اللقاء الذي جمعك مع الأخ محمد سعيد احجيوج. ومثل هذه اللقاءات والاستجوابات من شأنها أن تدعم عمل المدونين المغاربة وتعرف بهم.
تحياتي لك وللأخ احجيوج على هذا التألق الذي يشرف حركة التدوين المغربية، شكلا ومضمونا.
السلام عليكم
اخي اعجبتني فكرة مدونتك لانها نفس تشبه لحد كبير امدونة التي اعمل على انجازها و التي احاول تعميمها باللغة العربية الفصحى و بالدارجة
اتمنى تحقيق التواصل بين هده المدونات و شكرا
إرسال تعليق