نقاش في مجلس النواب حول لغة الإدارة والإعلام
وصلني المقال التالي من الأخ محمد لشيب، صاحب مدونة تقليب نظر، كتبه حول السؤال الشفوي الذي قدمه فريق العدالة والتنمية إلى الوزير الأول خلال جلسة الأربعاء 27 دجنبر 2006 والمتعلق بسياسية الحكومة وبرامجها العملية في "وقف التدهور الخطير في استعمال اللغة العربية بالإدارات العمومية ومختلف مناحي الحياة ببلادنا. "
أكد سؤال الفريق على أهمية اللغة العربية باعتبارها "رمزا سياديا لا تكتمل سيادة الوطن إلا بتبوئه المقام اللائق به، وكذا عنوانا من عناوين الهوية والسيادة، وركنا ركينا في بناء الشخصية الوطنية المغربية"، إضافة إلى "تنصيص الدستور المغربي على اعتبارها لغة رسمية للبلاد". وهو ما يجعل منها "اللغة الوطنية التي لا يعترف القضاء الوطني بغيرها في تحرير واعتماد المراسلات".
واعتبر النائب عبد الله بووانو "اللغة العربية أداة تواصل عالمية وجسر عبور قوي في محيط عربي وإسلامي كفيل بتمكين المغرب من جلب منافع سياسية واقتصادية هامة، ولعب دوره الريادي في هذا المحيط الحيوي والعمق الاستراتيجي"، كما "أن جميع الشعوب التي تحترم تاريخها وهويتها ومستقبل أجيالها تقدم النموذج على مدى التشبت بتطوير وتنمية استعمال لغتها الوطنية في كل مجالات الحياة وتحمي ذلك بقوانين صارمة".
وفي معرض جوابه تقاسم وزير تحديث القطاعات العامة محمد بوسعيد الرأي ذاته مع نواب العدالة والتنمية في "كون اللغة تمثل عنوانا لثقافتنا وهويتنا، ورمزا لسيادتنا الوطنية"، مؤكدا "أن تشبت المغرب بلغته العربية ومقوماته الحضارية والإسلامية يجد جذوره في كون هذه اللغة هي لغة القرآن الكريم، وكون دستور الممكلة يؤكد أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد".
وأضاف الوزير بأن استعمالات اللغة العربية في الإدارة تعرف تطورا، نافيا حدوث أي تراجع أو تدهور، مشيرا إلى "أن معظم الإدارات تلزم باستعمال اللغة العربية في مراسلاتها ومحرراتها ومحاضرها، خصوصا في قطاع القضاء والمحاكم والشرطة، وعموم المصالح العمومية التي لها علاقة بالمواطنين.
وفي قطاع التعليم، أوضح الوزير بوسعيد أنه "منذ تعريب هذا القطاع فإن هناك افواج جديدة من الموظفين تلتحق بالإدارات، وأن أغلب الأطر المتخرجة تتقن هذه اللغة وتتواصل بها بشكل جيد".
ولخص الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة العناوين العريضة للسياسة الحكومية في مجال تعريب الإدارة والحياة العامة، "اعتبار استعمال اللغة العربية أمر مفروض بموجب الدستور، ترسيخا وتجسيدا لثوابت هويتنا الوطنية والدينية والثقافية"، ومن ثمة، يضيف الوزير، فإن مسألة التعريب تعضدها الإرادة السياسية ومقتضيات الدستور بوصفه أسمى قانون في البلاد. كما تشدد الحكومة على "إلزامية التعامل باللغة العربية في إدارات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، وذلك احتراما للدستور والتزاما بتطبيق منشور الوزير الأول 11 دجنبر 1998"، كذا الحرص على "تشجيع التنوع اللغوي والثقافي والفكري الذي تزخر به بلادنا بإعطاء العناية اللازمة للأمازيغية والنهوض بها كرافد من روافد ثقافتنا المغربية الأصيلة".
ومن جانبه أوضح النائب أبو زيد المقرئ الإدريسي بأنه جواب الحكومة جيد من الناحية النظرية، لكن الواقع يكشف على خلاف ذلك، فـ"الواقع الممارس يكرس ازدواجية لغوية خطيرة، تعزز وتكرس حضور اللغة الأجنبية وإعلاء مكانتها وقيمتها على حساب اللغة العربية.
فعلى مستوى التعليم أكد تعقيب فريق العدالة والتنمية على جواب وزير تحديث القطاعات العامة على "أن هناك أجيال جديدة تتخرج في تعليم مضطرب التوجه، موزع بين التعليم باللغة الفرنسية والتعليم باللغة العربية"، كما شهد قطاع التعليم العالي "جمودا على مستوى تعريب ما تبقى من المواد المهمة جدا، خاصة في مجال التعليم التقني والعلمي والاقتصادي"، وهو ما دفع، يضيف النائب أبو زيد، إلى التكيف، في المستويات الدنيا، مع هذا الواقع المفروض، حيث تم توسيع حصص تدريس اللغة الفرنسية والرفع من معاملاتها والاهتمام بها على حساب اللغة العربية التي تعرف تهميشا على مستوى عدة تخصصات".
أما على مستوى الإعلام فقد سجل فريق العدالة والتنمية تكريس القناتين العموميتين الوطنيتين لازدواجية غريبة في برامجهما، والتي تسعى إلى التمكين للغة الفرنسية على حساب اللغة العربية.
وفي ختام كلمته حذر النائب من "تغول لوبي فرنكوفوني يسعى إلى قهر اللغة العربية واللغة الأمازيغية على حد سواء، كما انه يحاول رهن الأجيال المقبلة ومستقبلها إلى عقلية مستلبة للنفوذ الفرنكوفوي وللثقافة واللغة الفرنسية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق